حماة .. عنقاء سوريا

بمداد المدونين نحيي ذكرى المجزرة

حماه ملحمة العصر

leave a comment »

المصدر : مدونة joorysham

رابط المصدر : http://bit.ly/xUte7g

حماه ايقونة التضحية ، وملحمة القرن العشرين … الجميع يراها مجزرة راح ضحيتها ما لا نعلمه من الأرواح ،لكني اراها ملحمة سطرت بدماء عشرات الآلاف من أبناء هذه المدينة الأبية ، التي حاولت أن تغسل عنها عار اغتصاب الأسديين مبكرا ،فجن جنون المغتصب …لم يعتد حافظ الاسد وطغمته الفاسدة على المخالفة والعصيان ،فعاث سفكا بالدماء ذات اليمين وذات الشمال . لم ادرك يوما ان بشرا يمتلك هذا الكم من الحقد على ابناء طينته إلا عندما قرأت ما حصل هناك مما تسرب إلينا من شهود عيان (على قلتهم ) عن هول ما شهدوا …ورغم شح المصادر والصور هالني ما سمعت …. قتل …دمار …تعذيب ….ذبح …. رمي من الأسطح ….هدم منازل على رؤوس أصحابها …..

ياالله عندما أغمض عيني و أتخيل ما  حصل ..عن حجم الرعب الذي لاقاه هؤلاء البشر قبل أن تسلب حياتهم تعصفني الأفكار إلى هذا اليوم ، و أرى نفسي أضم ولدي مختبئة في إحدى الزوايا في المنزل و أصوات القصف والعويل من حولنا و أنا أرتجف …. واخفي خوفي من اجل طفلي الذي بين يدي الذي جمد الخوف الدمع في عينيه الاصوات التي تهدر حولنا تختلط بين هدم و صراخ وجلبة وكلما علت الاصوات كلما تشبث بي اكثر وغرز أظافره في  جسمي…. و يرتج المنزل من شدة القصف ….أستطيع سماع أصوات المنازل تهدم حولي …هل خرجت جارتي يا ترى؟ هل هدم المنزل على رأسها وأبنائها الخمسة ؟؟ يا ترى ما مصير اختي ؟؟زوجي الذي خرج ولم يعد ؟؟ يارب … اسستحضر آيات قرآنية وأبدأ بقراءتها بصوت خافت لأهدئ من روع هذا الطفل المسكين علّنا نتناسى ما يحصل حولنا ،وتمضي ساعة وساعتان وثلاث ونحن محشوران في هذه الزاوية في الغرفة الداخلية التي شعرت ولو وهما إنها الأأمن في المنزل ،يغفو الطفل بين ذراعي بعد ساعات ثقال تهدأ الاصوات من حولي قليلا أتمالك نفسي احضن طفلي بقوة وأحاول الوقوف على قدمي  الخدر يسري في جسمي من البرد والرعب …أسمع جلبة أتراجع وأعود لمخبأي مرتعبة ثم أسمع صوت زوجي : آمنة آمنة علينا ان نرحل فورا .نترك المنزل ؟……..اسال انا : الى اين؟؟؟!!!!………..

يرد بصوت أجش مبحوح : لا أدري المدينة تهدم عن بكرة ابيها …لم أستطع الخروج من الحي ،تسلقت من سطح إلى سىطح ، آخر ما رأيته هو مبان سويت بالارض وجثث لرجال ونساءوأطفال…… ينوون ذبحنا يا آمنة ينوون ذبحناهدموا بيوت الله يا ويحهم …  وعلى عجل اخذنا ما قل حجمه وغلا ثمنه من متاعنا وخرجنا في رحلة النجاة بارواحنا ..عندما نزلت الى الحي ..اي حي ؟؟غابت معالم الحي…. القدر هو الذي انقذ منزلي ….كل ما حولي كان مهدما…….. أتعثر الخطى من الركام  يا إلهي جثة طفلة…. على بعد خطوات منها ما يبدو إنها أمها….. زوجي يمسك يدي ويسحبني…. يتلقفني… يصرخ بي… لأزيح وجهي وهو يراني أصرخ يالله الله …..  اثنا عشر رجلا مربوطون يبدو أنهم أعدموا ميدانيا ملقون على قارعة الطريق  لم أعد استوعب أين أنا…. أين أخطو ….فقدت الاحساس بالزمان والمكان… وأصبحت أمشي مثل الأموات الأحياء أبكي بهيستيرية وصغيري  بدأ يبكي لبكائي ويحسس على راسي ويقبلني ليخفف عني ما لا تدركه براءته  ….. وزوجي يجرني متماسكا بجبروت  لا يخفي حجم الأسى والدموع االتي كانت تنزل بصمت على خديه …..كنت أسمعه يحتسب بصوت هامس ودموعه لم تعد ملكه تجري جريانا لكن بانفة…..رجل لم اعهد منه البكاء يوما ……

وصلنا الى السيارة التي ستقلنا نحن وعائلتان اخريان تركنا جميعا وراءنا ماضيا وحاضرا ومدينة ابي الفداء التي كانت فدوى لكل سوريا في هذه الملحمة ….  محيت معالم اغلب المدينة لم نعد ندري في اي مكان نحن حريق ….اصوات رصاص  تلعلع في المكان …….مبان مهدومة  ……. الخروج منها كان خيارنا الوحيد إن أردنا البقاء أحياء، كان بقاءنا يعني موتا محتما وخروجنا منها أحياء معجزة سماوية !!. ربما لنروي ما حصل في هذه الأيام التي كتبت  فيها حماه الملحمة ….  لنبقى الشهداء الأحياء على مدينة في القرن العشرين كانت تسمى حماه………لكن الحقد الأسدي ويدي حافظ ورفعت مغمسة حتى الأكواع في دماء أهلها ……. حماه التي لم يكف السفاحين دماء ابنائها فأفرغوا حقدهم في بنائها ….. جوامعها ….. كنائسها…..آثارها …. شجرها ……..عصافيرها…..قتلوا  الحياة ثم قتلوا الموت …… نعم  قتلوا حتى الموت  ……لم يكفهم ذبح الإنسان بل كانوا بعدها يحرقوه …..   يدوسوه بدباباتهم …..يدنسوه بجرافاتهم ليدفنوا الأشلاء ويطمسوا ما اقترفت أيديهم ………

هذا غيض من فيض …..لا تستطيع  مدونة بسيطة توصيف ما حصل ….لو أخذتم دماء جميع الشهداء وجعلتموه مدادا تسطر الملحمة في مجلدات ومجلدات لتحكي قصة كل شهيد…… لكن يا حسرتاه  انها مجرد محاولة خجولة لتحريك ضمير العالم الذي غيب حمااه في الثمانينات وتناساها وصمت عن مقتلة هي الاضخم في القرن العشرين والآن يتشدقون علينا بلإنسانية  ……واليوم بعد ثلاثين عاما ……….ما أشبه اليوم بالبارحة……ما أشبه حافظ ورفعت ببشار وماهر ….اليوم التاريخ يعيد نفسه……. سوريا كلها اليوم أم الفداء…..  والعالم كله يتفرج لاأحد يحرك ساكنا …..  لك الله يا سوريا    ولك الله يا حماه يا أم الشهداء يا أول من بدأ  بخط ملحمة النصر السورية واليوم تستمر الملحمة

 

أضف تعليق