حماة .. عنقاء سوريا

بمداد المدونين نحيي ذكرى المجزرة

الجرح يتجدد .!

leave a comment »

المصدر : شفاء العوير

رابط المصدر : http://saouir.wordpress.com/

الجرح يتجدد ..

في هذا المساء اشتاق لدفء الوطن اثناء الثلج ولرائحة قهوة جدتي وهي تروي قصص مختلفه عن احداث من الماضي عاشتها وعاشت كل تفاصيلها ترويها وكأنها تشاهدها امامها وهاهي تتكرر امامي على شاشة التلفاز تلك الاحداث التي حدثت بشهر واحد ابيدت بها مدينة باكملها فلم يبقى بها بيت او مسجد سالم انتشرت رائحة الموت فيها وتشربت ارضها دماء ابنائها فأزهرة اليوم شباب الثورة شباب كان كل مطلبهم الحريه رفضوا الاستبداد والظلم كيف لصورة جدتي ودموعها الغزيرة كالنهر الجاري ان امسحها من امام ناظري وهي تروي لي عن ذلك البطل الصغير جسدا وعمرا الذي خرج من بيته دون تردد يحمل روحه بين يديه وهو يتناسا دموع امه وانكسارها ان سمعت يوما خبر استشهادة او فقده لم يكن يرتدي قناعا يخفي به وجهه عن الانظار فهو حينها لم يكن يخاف الا من خالقة لم يكن حينها تجاوز السابعه عشر من عمرة خرج ليريح البلاد والعباد ممن عاثوا  بالوطن فسادا كان ومع صغر سنه حنون بار بوالديه يخاف على الصغار من مشاهد الدماء فكان يرفض رفضا قاطعا ان يقتل احدا امام اطفاله فمشاهدة الموت للصغار تميت قلوبهم وتحيي حب الدماء والانتقام في عقولهم قالت لي جدتي انها شاهدته ذات نهار يأخذ من اب  اطفاله ويعيدهم الى البيت ليقوموا رفاقه الشباب بقتل ذلك الظالم الجبان المحتمي باطفال لم يتجاوز اعمارهم السابعة وهو متناسي انهم مازاولا صغار السن على روئيتهم لكل تلك المشاهد الداميه والجثث التي ملئت الارصفه في كل مكان  كيف انسى صوت الموت بصوتها حينما أخبرتني  عن بطولات شباب لم يخافوا البشر وخافوا من رب البشر  اخفوا اسلحتهم عن اهلهم خوفا من كشفها لم يفرقوا بين قريب او بعيد فكل متعاون مع الظالم ظالم مثله فقتلوا القريب قبل البعيد كانوا ينشدون اناشيد الجهاد بصوتهم الرقيق ويرددون هتافات تحمسهم للقاء رب العباد بصوت حين سماعه يخيل لك انك بالجنان  لم يكنونوا يريدون من هذه الدنيا الى الجنان  شباب لم يقعدهم العجز والاعاقه عن محاربة الظلم فحتى المقعد كان له دور كبير في الاحداث حارب وحمل سلاح العقل لن انسى همسها الرقيق وهي تقول لي كان قائدهم مقعد يابنتي كان هزيل البنيه فاقد لساقيه  حيث كان دوره حينها ان يرسم الخطط ويستكشف المكان فكان يتجول بكرسيه دون خوف ليأمن لاحبته واخوته بالجهاد الطريق الامن والحماية الكافيه  فلم يكن  لاحد أن يشك بعاجز مقعد ولكنهم نسوا ان العجز عجز العقل لا الجسم  مازلت اتذكرها وهي تخبرني عن شهداء لم يجدوا مكان يدفنوهم به الا ساحة المسجد فدفنوهم وتناسا الناس امرهم وكانهم لم يكونوا  وبعد سنوات طوال وجدوا الجثث على حالها لم تتحلل فهم اخلصوا النية لله تعالى صاح هناك الكل مكبرين حين رأوا الجثث على حالها وكانها دفنت لتوها كانوا سعداء حين تعرفوا على اصحاب الجثث وعلموا انهم اقربائهم واحبائهم  لن انسى تلك الام التي رأيتها وهي تربي اطفال يتامى وحيده تطعمهم من دم قلبها كانت ستقطع جسدها لتطعمهم من شدة الفقر فهي فقدت زوجها معينها على هذه الحياة وقتل مصدر الامان امام عينها فشاهدت والدها جثه ممددة امامها تفوح منها رائحة المسك ووجهه يشع بإبتسامة جميله لايملكها الا شهيد دون ان تتراجع عن هدف تحقيق النصر لشعبها فكم من الصعب ان يقتل امام عينيك اغلى اثنين على قلبك زوجك وابوك هي لم تصرخ حينها لم تستنجد الى بالله كانت تقول هم فداء للدين والوطن وام فقدت اربعة او خمسه من شبابها وهي تقول لو لي السادس لدفعته لطلب الحرية  لن انسى صورتها وهي تروي عن ظلم الجيش وكيف نهب كل مافي المحال التجارية والبيوت نسف الاخضر واليابس ولم يبقي شيئا صالح للاستعمال البشري او الحيواني  وعن حقد بعض البشر وخيانتهم حتى لاخوتهم في سبيل الحصول على حفنة من المال فذلك الذي باع اخوه بثمن بخس  وضحى به وباهل حارته لاجل سعادة زائفه  فعاون الجيش ودلهم على مكان كل شباب حارتهم لقتلهم وكشفه اخوه قبل موته فمات برصاصتين رصاصة الجيش ورصاصة خيانة الاخ كم تخيلت صورته ورصاصة اخوه تحتل صدره للتمركز في قلبه فيموت كمدا وحزنا قبل ان يموت من رصاصه عدو لا تؤلم ابدا

 وكم هي مرة دموع الام حينها على ولديها فاولهم شهيد سعيد والثاني ضحى باخوه من اجل  اموال الدنيا وزينتها فنسيى جزاء المتعاون مع الظالم الذي لم  يفرق بين امرأه او رجل فحتى النساء قتلوهم وقطعوا ايدهم ورقابهم ليحصلوا على ذهب سيحرقهم يوما هل انسى دموع جارتنا التي ربت اطفالها اليتامى دون شكوى كانت تبكي بصمت وهي تتذكر جثة زوجها الملقاه امام البيت لم يقوى احد على دفنها خوفا على ارواحهم استشهد وخلف خمسة اطفال يحتاجون الى كل شئ وحرموا من امان الاب وعطفة

كانت دائما تقول لي جدتي كانوا وحوشا لا بشرا يا بنتي دافعوا عن ظالم ولم يبالوا بارواحهم هم كانوا اكثر من ضعفاء ليفعلوا مافعلوه دون رحمه او حتى تأنيب ضمير

 يابنتي اياك والدفاع عن متجبر فستكونين حينها مثله واكثر

قالت لي غاليتي حينها اتعلمين لن انسى دموع امي وهي تودعنا مغادرين بعد فقدها لابنها وحفيديها كانت دموعها خناجر بصدري  يستمر المها الى لحظتي هذه كم كنت امل ان ارها قبل ان تموت لاطلب منها السماح على دموعها ولكنها رحلت وخلفت حسرة كبيرة في صدري تكبر يوما بعد يوم

روت جدتي ولسنوات طوال عن اطفال ماتوا جوعا وبردا دون ان يبالي بهم احد فلم يكن حينها يوجد حتى حليب للاطفال فكانت الام تقوم بالتضحيه بالكثير والكثير لنيل القليل من الحليب لترضع طفلها وتدفئه بحضنها عسى دفء حنانها يغنيه ويغنيها عن دفء المدفئات 

لم تنسى جدتي ان تروي لي عن بعض نهايات الظلمة فذاك مرض ابنه مرض لا علاج له دار به العالم كله فلم ينفعه مال ولا ظالم دافع عنه حد الموت فمات ابنه امامه دون علاج بعد سنوات من الالم

نظرت الى شاشة التلفاز وكثير من الصور التي روتها جدتي اراها اليوم وهاهي الشجر تعود للتسقى من دماء شباب الارض وعصافيرنا تستنشق رائحة دمائهم الذكيه سوريا كم ستعانين من ظلم وجبروت ذلك النظام متى تستريحين  ويرتاح شبابك من جبروته لك الله يا سوريا اتعلمين سوريا كانت جدتي دائما ما تقول فقدنا الولد والاثنان وفقدنا الاب والاخ والاهل اجمع فصبرنا لاننا سنراهم في الجنان ولكن ان نفقد تراب الوطن فكيف لقلوبنا ان تتحمل كسرتنا الغربه يا سوريا

أضف تعليق